ارتبطت الآبار في الماضي، وحتى خمس وثلاثين سنة خلت من عمر الدولة، ارتباطا وثيقا بحياة أفراد المجتمع الإماراتي، بمختلف شرائحه وبيئاته، البدوية منها والحضرية. وكانت الطوي مصدراً مهماً من مصادر توفير مياه الشرب، وعنصرا فعالا في إكساب الأرض لونا أخضر وبث روح الحياة في كائناتها، ولم تكن كذلك فحسب، بل كانت محطة استراحة في طريق القوافل، ونواة لتشكيل تجمعات سكنية، وموردا لسقي الإبل والبهائم، وملهمة للشعراء، ومحركة لضرب الأمثال، ومخلدة في الوقت ذاته لاسم شخص حفرها أو أمر بحفرها فحملت اسمه، ومؤرخة لحادثة ما أو مظهر قريب منها شاركها المكان أو الزمان.
لم يعد للطوي اليوم تلك الأهمية الكبيرة التي شكلتها قبل ثلاثين سنة، بخاصة في ظل مظاهر التمدن والتطور الحضاري الذي أبدل الرمال الصفراء بحدائق خضراء، ومبانٍ عالية، اختفى معها لون الرمل الذهبي، فالمياه أصبحت تصل نظيفة للبيوت، وتعبأ في زجاجات تحفظ باردة، والآبار الارتوازية تكاد تكون في كل بيت ومزرعة وسرعان ما تجف بعد فترة من الاستنـزاف، وفي مقابل هذا بدأت أهمية الطوي ودورها في الاضمحلال شيئا فشيئا، وربما جهل أهميتها أبناء هذا الجيل، ويجهلون دورها في ضخ روح الحياة في شرايين الأرض قبل عشرات السنين، وضاعت أسماء ومناطق كثيرة من هذه الطوى، ولاقت من الجحود والنكران ما لا تستحقه في مقابل الدور الكبير الذي لعبته سابقا في حياة أجدادنا وآبائنا.
الطوي في اللغة :
كلمة الطوي كلمة فصيحة، وتعني في اللغة البئر المطوية بالحجارة، وهي اسم مذكر يمكن أن يؤنث في الوقت ذاته، وجمعه في العامية طوى، أما البئر فهي مؤنثة، وكذلك القليب، التي تلفظ في العامية جليب، وتعني البئر التي لم تطو بعد، أو البئر المهجورة القديمة، ومن أسماء الطوي في العامية أيضا العد، بكسر العين، وهي كلمة فصيحة أيضا، وتعني الموضع الذي يتخذه الناس ويجتمع فيه ماء كثير، والماء العد هو الدائم الذي له مادة لا انقطاع لها مثل ماء العين وماء البئر (لسان العرب)، ومن أسماء الطوي أيضا البدع، ويعني في اللغة الحفر (لسان العرب)، ويكثر استخدام اسم بدع في إمارتي أبوظبي ودبي، فنجد أسماء مثل بدع زايد وبدع خليفة وبدع بالهلي.
تشتهر الطوي، ويزداد ارتباط الناس بها، فتصبح الأرض المحيطة بها سكنا لهم، وتسمى تلك المنطقة باسمها، مثل بدع زايد وفلاح ومهذب وبياتة وفلي والهباب، كما أن بعض الآبار تموت وتختفي، وتصبح مع مرور السنين ذكرى واسما لطوي لا يعرف مكانها.
خلفيات التسمية:
بعد أن تحفر البئر يجتمع الأشخاص الذين حفروها لإطلاق اسم عليها، وتتم التسمية بناء على عدد من المعطيات والعوامل، أهمها
بعد أن تحفر البئر يجتمع الأشخاص الذين حفروها لإطلاق اسم عليها، وتتم التسمية بناء على عدد من المعطيات والعوامل، أهمها:
1ـ تسمية البئر على اسم الشخص الذي قام بحفرها، مثل طوي ربيع وصفصوف، وخليف.
2ـ تسمية البئر على اسم من أمر بحفرها سواء كان رجلاً أو امرأة، ومن أسماء الآبار التي سميت بأسماء رجال أمروا بحفرها: طوي عبدالله بن سعيد وسيف وحسين، وكذلك بدع زايد وبدع خليفة، كما أنها قد تسمى على اسم المرأة التي أمرت بحفرها، مثل عفرا وميثا وكليثم.
3ـ تسمية البئر بناء على ما يتصف به ماؤها من حلاوة أو ملوحة أو مرارة، مثل طوي الحليو ومليحة والعذيب والمرة ومويلح.
4ـ التسمية بناء على عنصر خارجي مرتبط بالبئر مثل طوي العشوش، والعشيش، وبواليدوع، وبواليعلان، وبوسدرة، وظليما، والمظلول، وبوالحصا.
5ـ ارتباط البئر باسم عائلة قبلية حفرته أو أمرت بحفره، مثل بدع الظواهر، وطوي المسافرة وطوي الجزعان وطوي الشامسي.
6ـ ارتباط الطوي باسم منطقة حفرت فيها، مثل المرموم والخران والحمرانية والمزرع وتاهل وكدرا.
ورغم هذا تظل أسباب تسمية بعض الآبار غير معروفة، نظرا لقدمها